أدب - ذكريات

ساتو... 

خواطر/ عصمت وحدين - ماجستير إدارة تقنية معلومات 


تظل لحظات اللقاء ولحظات الفراق من أكثر اللحظات التصاقاً بجدران الذاكرة مهما طال العهد وتباعدت مسافات الزمن، ولعلنا جميعاً معشر المحظوظين بالدراسة في الخارج مررنا بالكثير من تلك اللحظات الـ(أنفورجيتابل)، يستوي في ذلك أهل نعيم الابتعاث الميسور على نفقة الدولة، وأهل جحيم الدراسة على النفقة الخاصة، ومن هم لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وأعني بذلك أصحاب التبادل الثقافي ،وما أدراك ما هو... 

ولعله من المناسب هنا ألا نقلب المواجع على من سيقرئون هذا الموضوع، بتذكر الفراق وأحواله، على اعتبار أن حالة الفراق بالنسبة للكثيرين مستمرة، ولن يسلم الأمر من تسرب تنهيدة أو نفور دمعة هنا أو هناك، خصوصاً وأن كاتب الموضوع خبير في مثل هذه الأمور، فقد سبق مثلاً - قبل أن يمن الله علي بإحضار عائلتي إلى هنا- وان انتهت إحدى مكالماتي المسنجرية مع الأهل، ببكائية طويلة صامتة أين منها بكائية الكابتن دييجو بن مارادونا عندما خسر كأس العالم، أو بكائية الأخت أمل الشرامي على الهواء، عندما فاتها القطار.... 

لذلك سأكتفي هنا باستذكار بعض انطباعات اللقاء الأول، ومشاعر النظرة الأولى، بيني وبين الأخت العزيزة، ساتو ماليزيا... 

وبعيداً عن الإشادة المكررة بمطار ومدينة كوالالمبور، والهدوء والنظام والنظافة و و و ، وبغض النظر عن أنني (كنت هعيّط) من القهر، لما دخلت محطة بندر تاسك سلاتان، إلا أن الشئ الذي لا أنساه أبداً، هو تلك الوجوه الشابة المبتسمة المرحبة، التي تلقفتني منذ لحظة وصولي في المطار، لشباب لم أكن أعرف إلا أسمائهم، وبعضاً من بقايا تعارف من طرف عن طريق طرف، ليتولوا هم ترتيب حركتي وانطلاقي في اليوم التالي لدار التعظيم، ليتولى فيها طرف آخر، من طرفهم، ترتيب أموري هنا، لتبدأ بعدها القصة... 

طبعاً فصول تلك القصة ما زالت مستمرة، وموضوعها الرئيسي هو الاغتراب الدراسي، وفصولها تشمل الاكتشاف والتعلم، والصدمة الثقافية ثم التعايش والتناغم، وتدور أحداثها في محيط UTM ما بين : ثلاجة السلطانة زناريا، مسجد السلطان إسماعيل، البندهاري، المرنتي، مرشد، ومن بين مفرداتها المتكررة: سمستر، ربع، بروجكت، انتخابات، امتحانات، ثم تخرج وكونفوكيشن وحجز.... عقبال الجميع، أما أبطالها فنحن جميعاً، ومابين بداية القصة وما انقضى من فصولها حتى الآن، هناك الكثير، الكثير ليُحكى، لكن الوقت ضيق، والمساحة صغيرة، لذلك، سنكتفي هنا بالإهداء، لكل: من أنفق ساعة من وقته، أو بعضاً من جهده، متناسياً همّ غربته وبُعده، ليسعى في خدمة أهل وطنه وبلده... إلى كل هؤلاء أهدي كل الحب والعرفان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق